كمستثمر أجنبي.. خيارك الأمثل للحصول على الجنسية التركية

تتعدد الطرق الممنوحة للمستثمرين الأجانب من قبل الحكومة التركية للحصول على الجنسية التركية. فبحسب المرسوم الرئاسي رقم 106 الصادر بتاريخ 18 أيلول 2018، يوجد ستة طرق شرعها هذا المرسوم للحصول على الجنسية التركية. كل المقالات التي تناولت هذا الموضوع تحدثث عن أربع أو خمس طرق فقط، ولم تتناول الطريقة السادسة والتي تعتبر الطريقة الأمثل من ناحية الحصول على الجنسية مع مردود جيد على الاستثمار. في هذا المقال سنتطرق إلى الطرق الخمس الأولى مع ذكر بعض إيجابيات وسلبيات كل طريقة، وبعدها سنتناول الطريقة السادسة بشيء من التفصيل.

الطريقة الأولى والأكثر إنتشارا حاليا بين المتقدمين للجنسية التركية هي الاستثمار في قطاع العقار، وذلك من خلال شراء عقار أومجموعة من العقارات لا تقل قيمتها عن 250 ألف دولار، والتعهد بعدم بيعه لمدة ثلاث سنوات. سبب إقبال أغلب المستثمرين على هذه الطريقة هو إنخفاض قيمة المال المطلوب إستثماره فيها مقارنة بالطرق الأخرى، ولذلك تعتبر الطريقة الأمثل لصغار المستثمرين. ولكن عند تقييم هذه الطريقة من ناحية العائد على الاستثمار فهي الطريقة الأسوأ بلا شك، وفق متخصصين في هذا المجال.

ما يجب الإنتباه إليه بخصوص هذه الطريقة وفقا لتجاربنا هو الإبتعاد عن شراء قطعة أرض وإنما شراء شقة أودكان، وذلك لأن تقييم الأراضي من قبل شركات التقييم العقاري يكون أقل دائما من المبلغ المدفوع فعليا لشراء الأرض، والذي يؤخذ به بعين الإعتبار في هذه الحالة هو قيمة العقار الصادرة من قبل شركة التقييم العقاري وليس القيمة الفعلية لشراء العقار والمدونة في الطابو.

وقد فتحت تركيا المجال أيضا لشراء عقار قيد الإنشاء من خلال التوقيع على عقد وعد بالبيع عند كاتب العدل مع التعهد بعدم بيعه لمدة ثلاث سنوات. ولكن لا ينصح البتة بشراء عقار قيد الإنشاء إلا من شركات الإنشاءات التابعة للحكومة التركية. وذلك لعدة مشاكل ممكن أن يواجهها البناء بعد إتمامه، منها على سبيل المثال إحتمالية صدور قرار بهدمه من قبل البلدية في حال مخالفة المقاول لخطة البناء المقدمة للبلدية.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن أي عقارات تم شراؤها وكذلك أي تقسيط دفع لشراء أي عقار قبل تاريخ صدور المرسوم سابق الذكر لن تؤخذ بعين الإعتبار عند حساب قيمة العقار وإختبار مدى موافقته للشروط المنصوص عليها في المرسوم سابق الذكر. وإنما سيطبق عليها المرسوم الأول الخاص بهذا الموضوع رقم “2016/9601” والصادر بتاريخ 12.12.2016 والذي بدوره يشترط شراء عقار أومجموعة من العقارات يتجاوز قيمتها المليون دولار أمريكي.

أما الطريقة الثانية للحصول على الجنسية التركية فهي إستثمار ما لا يقل عن نصف مليون دولار أمريكي من خلال إيداعها في إحدى البنوك التركية، والتعهد بعدم سحبها لمدة ثلاث سنوات. وتتميز هذه الطريقة بسرعة إستلام ورقة الملائمة من الهيئة العامة لتنظيم والرقابة على البنوك، وهي من الأوراق المهمة للبدء بطلب الجنسية. ولذلك نلحظ إقبال كبير على هذه الطريقة من المواطنين الليبيين. أما بالنسبة للعائد على الاستثمار فيختلف وفق البنك المودع فيه إن كان تضامنيا أوربويا.

أما الطريقة الثالثة فهي الاستثمار برأس مال ثابت لا تقل قيمته عن نصف مليون دولار أمريكي، وذلك من خلال الاستثمار في مشاريع تجارية لإنتاج سلع أوخدمات معينة. ومن الأمثلة على رأس المال الثابت المصانع والمباني التجارية، وأجهزة الكمبيوتر والخوادم، ومعدات التصنيع، وأي شيء لا يتم شراؤه باستمرار في سياق إنتاج سلعة أو خدمة. ما يميز هذه الطريقة عدم إشتراط أي مدة زمنية للإبقاء على الاستثمار.

إحداث شركة تجارية توفر 50 وظيفة مباشرة على الأقل هي الطريقة الرابعة للحصول على الجنسية التركية. وتكمن المشكلة في هذه الطريقة والطريقة السابقة الحاجة إلى وقت طويل لتوظيف الخمسين موظف تركيا بعكس الطريقتين الأولى والثانية. أما بالنسبة للعائد على الاستثمار فيكون بحسب نوع المجال المستثمر فيه. كالطريقة سابقة الذكر تختلف هذه الطريقة عن باقي الطرق عدم إشتراط أي مدة زمنية للإبقاء على هذا النوع من الاستثمار.

الطريقة الخامسة للحصول على الجنسية التركية هي الاستثمار بقيمة لا تقل عن نصف مليون دولار في أدوات الدين الحكومية وذلك لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات. ربما يكون البيان الأخير الصادر في 16  الشهر الحالي من قبل وكالة التصنيف الائتماني الدولية ستاندرد آند بور وإبقائها فيه على تصنيفها الائتماني لتركيا دون تغيير مع نظرة مستقبلية مستقرة عاملا مشجعا للمستثمرين الأجانب للإستثمار في أدوات الدين الحكومية التركية. كذلك العوائد المرتفعة التي تقدمها تركيا على أدوات الدين الحكومية تمثل عاملا أخر يشجع المستثمرين على الحصول على الجنسية التركية من خلال هذه الطريقة.

أما الطريقة الأخيرة والتي سنتاولها بشيء من التفصيل، فهي الاستثمار بقيمة لا تقل عن نصف مليون دولار ولمدة لا تقل عن ثلاث سنوات في صناديق الاستثمار العقاري أو صناديق رؤوس الأموال الجريئة. هذه الطريقة الوحيدة التي تم إستحداثها في المرسوم الأخير الخاص بتطبيق قانون الجنسية التركية. حيث لم يتطرق المرسوم الأول الخاص بنفس الموضوع رقم “2016/9601” والصادر بتاريخ 12.12.2016 إلى هذه الطريقة واكتفى بالطرق الخمس الأولى. للأسف لم يتم تسليط الضوء على هذه الطريقة، رغم أنها الطريقة الأمثل للحصول على الجنسية التركية لأسباب عديدة سأوجزها في النقاط التالية:

1) الاستثمار في صندوق رأس المال الجريء هو استثمار عالي العوائد على عكس غالبية الاستثمارات الأخرى مثل العقار وغيره.

2) تعتبر هذه الصناديق -بشكل عام- آمنة لوجود التزامات وقيود صارمة على مدراء الصناديق من حيث سياسة الاستثمار وتسجيل الصناديق والتوزيعات والقيود على الأصول والاقتراض وغيرها من القيود التي حددها المشرع التركي في قانون هيئة سوق المال رقم 28513 لعام 2012 وفي المرسوم الخاص بشركات إدارة المحافظ الاستثمارية والقواعد الخاصة بنشاطاتها رقم “III-55.1” لسنة 2013. ولصعوبة الشروط المطلوب توافرها لتأسيس هكذا شركات لم يتجاوزعدد شركات إدارة المحافظ الاستثمارية في تركيا حتى تاريخ كتابة هذا المقال ستة وخمسون شركة.

3) كذلك تعتبر هذه الصناديق أداة استثمارية مرنة وشفافة، فقد أصدر المشرع التركي المرسوم الخاص بقواعد صناديق روؤس الأموال الجريئة رقم 28870 لعام 2014. وبموجب المادة التاسعة والعشرون من هذا المرسوم تخضع كل الأعمال والنشاطات الخاصة بهذه الصناديق لرقابة حكومية مباشرة عليها من هيئة سوق المال التركية. كما يقوم المستثمر بإيداع أمواله في حسابه الشخصي في إحدى البنوك التركية وفق المادة الرابعة من المرسوم سابق الذكر. وتعتبر الشركة المؤسسة للصندوق مسؤولة أمام الدولة عن إدارة هذه الأموال وفق النظام الداخلي والعقد الموقع بين المستثمر والشركة وذلك مع مراعاة حماية حقوق المساهمين.

4) تمنح تركيا المستثمرين في هذه الصناديق العديد من الإعفاءات الضريبية وفق قرار مجلس الوزراء رقم 14594 لسنة 2009 والقانون رقم 6322 لسنة 2012.

5) توفربعض شركات إدارة المحافظ الاستثمارية في تركيا لعملائها صناديق لروؤس الأموال الجريئة تتم إدارتها وفقاً للتشريعات الإسلاميّة، وتُشرف على إستثماراتها لجنة شرعية مختصة.

6) تمنح بعض هذه الصناديق فرصة للإستثمار بالدولار الأمريكي والحصول على أرباح سنوية أو نصف سنوية كذلك بالدولار الأمريكي، وبالتالي لن يتأثر الاستثمار بأي تقلُّبات في قيمة العملة التركية.

7) يحق لهيئة سوق المال التركي إلغاء إذن إدارة المحافظ الاستثمارية الممنوح للشركة، في حال مخالفتها لأي تعهد من تعهداتها في عقودها مع المستثمرين، أوانتهاكها لأي قاعدة من قواعد هيئة سوق المال التركي، وبناء عليه تقوم الدولة باستلام كل الصناديق الاستثمارية وتسليم إدارتها لشركة أخرى، وذلك بموجب المادة الثامنة عشر من مرسوم شركات إدارة المحافظ الاستثمارية والقواعد الخاصة بنشاطاتها.

8) تعتبر هذه الطريقة الأنسب للمستثمر الذي لا تتوافر له الخبرة الكافية أوالوقت لمتابعة استثماراته في تركيا، حيث توفر شركة إدارة المحافظ الاستثمارية الخبرات اللازمة لتحقيق أقصى فائدة ممكنة من استثمارات الصندوق.

يتضح لنا من هذه المعطيات أن الطريقة الأولى للحصول على الجنسية التركية هي الأنسب لصغار المستثمرين، بينما الطريقة السادسة هي الطريقة الأنسب والأمثل لكبار المستثمرين. وتمنح تركيا جنسيتها للمستثمر وزوجته وأطفاله ممن لم يتجاوز عمرهم الثامنة عشر. وكذلك يجري الحديث حاليا عن تساهل في إعطاء الجنسية التركية لكل زوجات المستثمر إذا كان معددا.

اطلب استشارة خاصة للحصول على الجنسية التركية

أنس زين الدين

مستشار قانوني متخصص في القوانين التركية وباحث أكاديمي في القانون الدولي
زر الذهاب إلى الأعلى
SiteLock
إغلاق